كتابة: سلافوي جيجك | ترجمة، بتصرف: أنس أبو سمحان
مُقدمة المُترجم
يُقدم سلافوي جيجك في مقالته هذه موقفًا التفافيًا وغير واضحٍ من حرب الإبادة الجماعية التي ترتكبها إسرائيل في فلسطين. يحاول الكاتب استخدام لغة المجاز والخطاب الأكاديمي ليوجه سهام نقده لخطاب إسرائيل بدلًا من سياساتها الاستعمارية. وهو ما يذكرنا بإحجام ألبير كامو عن دعمه لحرب التحرير الجزائرية. يبدو جيجك هنا مدافعًا عن القيم الاستعمارية بوصفها تحافظ على الأمن وتوفر لغير الغربيين الأكل والطعام والشراب، في حين تفشل الدول التي تحررت من الاستعمار في ذلك، مُشيرًا إلى نماذج الدول الإفريقية، مثل جنوب إفريقيا، متجاهلًا التاريخ الغربي من التدخل ودعم الانقلابات والفقر في القارة الإفريقية. كما يظهر هذا البعد الاستعماري والاستشراقي/الاستشرافي في سؤاله في آخر المقالة حول أن الخوف ليس ما إذا نجحت إسرائيل، بل ماذا لو بقيت حماس، ما الذي ستفعله بعد انتهاء زهوة التحرير؟ وهو الذي يدعو خجولًا إلى الحد من الأصولية الدينية في إسرائيل، إلا أنه يرى أن «أصولية» حماس (المزعومة) أشد وأعتى وأنها ستُلحق الضرر بأهل قطاع غزة أكثر من دولة الاستعمار الاستيطاني.
كما أنه وحين يتحدث عن قيام دولة إسرائيل نتيجة لاستعمار فلسطين، فإنه ينتقل مُباشرة لاقتباس إدوارد سعيد حين أشار إلى أن اليهود والفلسطينيين محكومين للعيش معًا. ينتقل من وصف جهاز الاستعمار الاستيطاني، إلى وصف اليهود، وهو ما يتجاهل طبيعة الواقع في فلسطين، فالأمر ليست مشكلة دينية بين مسلمين ويهود، بل مشكلة بين الفلسطينيين، وبين دولة بُنيت بدعمٍ من القوى الاستعمارية الغربية، وقامت على قتل وتجهير الفلسطينيين طوال 75 عامًا، وبالتالي أي توانٍ في عدم تسميتها ووصفها بأنها قوة استعمارية يجب التخلص منها هو تواطؤ بالقول الفعل، وهو ما فعله جيجك بشكل موارب في مقالته التالية.
وكما يشي عنوان مقالة جيجك الفرعيّ، بأن حركات التحرر ليست كلها تقدمية أو ديموقراطية، فإنها يقول خجولًا إنه لا يجب دعم حركات التحرر «غير التقدمية والديمقراطية» من وجهة نظره، بل يجب محاربتها، وهو يشير هنا إلى حماس، ولكن من يحدد معايير الديموقراطية والتقديمة؟ تُشير الصحفية آمنة الأشقر إلى أنها سألت القيادي في حركة حماس أسامة حمدان عن اليوم التالي للعدوان، فأجابها إنه يجب إجراء انتخابات فلسطينية. يأتي هذا الرد، حسبما تشير الأشقر، في وقتٍ تحاول فيها الولايات المتحدة وأوروبا وضعَ إدارة وكيلة لها في قطاع غزّة، في حين أنها، أي حماس، تواجه الطرح الغربي بالديمقراطية.
متابعة قراءة “جيجك عن غزّة: ما يفهمه اليسار خطأ عن غزة وعن «إنهاء الاستعمار»”